قبل أن تتحول إلى موزع محتوى، أوقف زر الإرسال!

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قبل أن تتحول إلى موزع محتوى، أوقف زر الإرسال!, اليوم الاثنين 28 يوليو 2025 11:25 مساءً

من خلال وجهة نظري المتواضعة - والتي لا تُلزم أحدا إلا أنا - أنصحك نصيحة محب: لا تحرص على إرسال أي مقطع فيديو أعجبك من مواقع التواصل الاجتماعي لأي من أصدقائك، والسبب - يا سيدنا - هو الخوارزمية!

نعم الخوارزمية، وليس سببا آخر، هذه الخوارزمية الذكية جدا، توزعها وفق عشرات الطرق، منها: (فهي تعرف أصدقاءك، موقعك الجغرافي، الأكثر مشاهدة في العالم، اهتمامات النوع: ذكر - أنثى - شاب - رجل كبير في السن، والقائمة لا تنتهي، فتقوم بتعميمها على الجميع بمن فيهم أنت) بل ثمة خوارزميات أخرى مثل تفعيل الميكروفون وتفعيل الاطلاع على أدوات البحث، حتى يظهر لك ما كنت تتحدث عنه أو ما تبحث عنه، هل أكمل الخوارزميات أو هذا يكفي؟!

اعلم يا عزيزي، إذا أعجبك مقطع فيديو، ورأيته من الدقيقة صفر حتى آخر «لا تنسى الاشتراك»، فاعلم أن تطبيق التواصل الاجتماعي قد شم على الفور إعجابك، ورصده وسجله، ثم قرر أن يوزعه على من حولك. فخوارزمية التطبيق - وليست خوارزميتك أنت - تعتبرك سفيرا غير رسمي للمقطع، ولهذا، فجأة سيظهر الفيديو نفسه عند جارك، وأبناء جارك، وابن عمك، ثم عندك مرة أخرى، وكأن التطبيق يقول لك: نحن نعرفك أكثر منك.

ملاحظة ليست مهمة: العامل المنزلي أو العاملة قد ينشر يومياته والتي جزء منها ما يقع تحت ملكيتك، لن تتعب في البحث عنه لأن الخوارزميات ستعرضها لك حتما وستتعرف على المكان حتما بعد أن يكون الجميع اطلع عليها!

المقاطع الساخرة، والحكم اليومية، والنصائح عن كيف تصبح مليونيرا في 3 خطوات (جميعها تتضمن ادفع، والنتائج على باب الله)، فالمواقع صارت تفترض أن كل ما يعجبك، ادفع ثمنه أو سنصل إلى متهور سيدفع لنا، وإن لم تدفعوا لنا، سوف نجعل المعلن يدفع لنا لأنكم صرتم سلعة بفضل عيونكم التي لا تمل من المشاهدة.

المضحك المبكي، أنها كلها تستقر في جهازك - التي رأيتها عشرين مرة - وتحتل ذاكرة الجهاز ولا تعرف كيف تحذفها ولو عرفت - من كثرتها - لا وقت لديك لحذفها!

إذا كنت مصرا على مشاركة شيء «مميز لم يره أحد من قبل»، فإليك الطريقة التي تضمن بها الجودة والدهشة: اقرأ كتابا ورقيا كاملا ستجد فيه حكمة عظيمة، انسخها بخط يدك - لا بنسخ/لصق - أو لخص الكتاب ببضع سطور، وأرسلها لمن تحب، مع ذكر اسم الكتاب، ورقم الصفحة، وسبب اختيارك لها. هكذا ستبدو مثقفا حقيقيا، لا مجرد موزع محتوى عشوائي.

تابع فيلما وثائقيا طويلا - نعم، أكثر من 3 دقائق - ثم اقتطع أجمل مشهد فيه، بشرط أن يكون مفهوما دون الحاجة لـ15 بوست تفسير. أرسله لمن يهتم فعلا، وليس لمن يرد عليك بأيقونة ضاحكة وكأنه يقول «قديمة» استحى أن يقولها لك! أو اصنع أنت شيئا جديدا: قل نكتة من تأليفك، صور شجرة غريبة في حارتك، أو اسرد موقفا حصل معك في المخبز.

الزمن تغير يا عزيزي، صرنا نعيش في عصر لا يحتاج مشاركة، لأن الذكاء الاصطناعي صار يعرف ذوقك، وذوق خالك، وخادمة جارك. إذا أعجبتك نكتة، فكن واثقا أنها ستصل لصاحب البقالة قبلك، فلا تتحمس كثيرا في النشر... لأنك تملأ ذاكرة الأجهزة... وتفرغ ذاكرة البشر.

أخبار ذات صلة

0 تعليق