مسارات وخيارات المرحلة

مكه 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مسارات وخيارات المرحلة, اليوم السبت 26 يوليو 2025 11:24 مساءً

في حديثي حول موضوع الشرق الأوسط وما يعيشه حاليا من تداعيات راهنة وتأثيرها على خيارات المرحلة، وذلك بدعوة كريمة من مركز مسارات للتنمية والتطوير بالعاصمة الأردنية عمان، حرصت أن أفكك المصطلح ابتداء، وأقصد مصطلح الشرق الأوسط الذي نشأ لحاجة يهودية مطلع القرن العشرين، حيث وبعد أن عملت بريطانيا على تأسيس دولتهم، أرادت إيجاد هوية إقليمية لها خارج السياق المتعارف عليه في حينه، إذ لا ينتمي اليهود للقومية العربية أسوة بنظرائهم من المسيحيين وغيرهم، ولا هوية إسلامية لهم أسوة بالقوميات الأخرى غير العربية كالكرد والأتراك والتركمان وغيرهم ممن يدينون بالإسلام، وبالتالي كان نحت الغرب الصهيوني مسمى الشرق الأوسط بتحديده الجيوسياسي المتعارف عليه حاليا، لتكون إسرائيل دولة شرق أوسطية في محيط عربي وإسلامي.

ومع مطلع القرن 21 عمل الغرب الصهيوني أيضا على نحت مسمى الشرق الأوسط الجديد والذي يستهدف تفتيت المنطقة إلى كتل صغيرة بنوازع طائفية وعرقية، وتأسيس خريطة جيوسياسية جديدة تكون فيه إسرائيل الآمر الناهي والحاكم المطلق، وهو ما بات مرئيا اليوم في ظل التداعيات التي نعيشها في سوريا ولبنان، إضافة إلى ما تقوم به من أعمال إجرامية في غزة، وأخيرا تصويت أعضاء الكنيست بأغلبية أعضائه على ضم الضفة الغربية رسميا لإسرائيل، وهو ما يعني القضاء على اتفاق أوسلو وما بعد أوسلو.

أمام ذلك يتوجب على الدول العربية أن تصعد من ردة فعلها سياسيا واقتصاديا وقانونيا، وأن تحشد العالم والمنظمات الإقليمية بشكل جاد للوقوف معها في مواجهة الطغيان الإسرائيلي المدعوم أمريكيا بشكل مطلق، وهو ما تتبناه المملكة العربية السعودية في نهجها السياسي الحازم إزاء إسرائيل وعملها على حشد المنظومة الدولية لتبني مشروع السلام العربي العادل القاضي بحل الدولتين.

وبالرغم من أهمية كل الخيارات السياسية والقانونية والاقتصادية الواجب تكثيفها على الصعيد الإقليمي والدولي، إلا أن خيار تنمية الوعي وتعزيز اللحمة الوطنية هو أول الأولويات اليوم في إطار الصراع العربي الإسرائيلي، إذ من خلاله يمكن مواجهة كل أعمال التفتيت والشرذمة التي تسعى لها إسرائيل بخبث، وشاهد السويداء ماثل أمامنا، حيث استفادت إسرائيل من حالة الصراع الطائفي الذي تأجج مؤخرا لتتدخل بسفور وتجعل من نفسها حامية للأقليات، وهو مرادها الذي تسعى إليه.

وأعني بذلك أن نغرق كمجتمع عربي في خطابات ترتكز على مفاهيم طائفية وعنصرية، ومن ذلك استخدام لفظة الأقليات في ثنايا التصريحات والخطابات السياسية، وفي يقيني فإن هذا المصطلح مجرم قانونا في ظل الانتماء لدولة المواطنة التي يتساوى فيها الجميع في إطار القانون.

هكذا يكون خيار تنمية الوعي وتعزيز الإيمان بالمدركات الوطنية الجامعة، هو الخيار الأمثل اليوم لمواجهة خطابات الدهماء الذين بقصد وبغير قصد ينفذون أجندة إسرائيلية تستهدف تفتيت المنطقة إلى كنتونات صغيرة في إطار طائفي وآخر عرقي، وبذلك تتحقق الغاية من مفهوم الشرق الأوسط الجديد.

إنها الدولة الوطنية التي بتنا ننتمي إليها وجدانا وقانونا، وعلينا الحفاظ عليها بعيدا عن أي تمييز وتمايز بين أبنائها، فالكل له كل الحقوق وعليه كل الواجبات، وحتما فإدراكنا كمجتمعات لقيمة ذلك سيقف أمام كل الخطط الصهيونية الرامية إلى تفتيتنا والقضاء علينا بعد ذلك.

أخبار ذات صلة

0 تعليق